يفارق الإنسان هذه الدنيا مخلّفاً وراءه مالاً ( إن كان ذا مال ) وهي التركة ، وتختلف مناهج الناس في التعامل معها ، وفي الواقع تركات معطَّلة بفتح الطاء وتركات معطِّلة بكسر الطاء .
تنعم هذه البلاد المباركة بخير كثير ، فقد مرت بطفرات اقتصادية نتج عنها جريان أموال طائلة بأيدي الناس ، حافظ عليها جيلها الذي عايشها - قدر استطاعتهم - ثم عقبهم ذرياتهم .
إلا أنك عندما تتبع أخبار التركات - من واقع عملك- داخل المحاكم وخارجها ، تجد الكثير منها تعطَّل ولم يقسم منه شيء لمدد طويلة ، ومرد ذلك لأسباب عدة : من أشهرها النزاع بين الورثة ، أو وجود أسباب تؤخر القسمة لبعض الوقت كالشراكة مع وقف أو قاصر أو وصية ، وبعض التركات الضخمة صارت عامل تعطيل لبعض أهداف التنمية في البلد ، كبعض العقارات الكبيرة داخل المناطق الجاهزة للسكن والحياة .
وعند النظر في كل ماسبق ، فإنه من المهم أن يتنبه أصحاب الأموال إلى ضرورة تنظيم أعمالهم وتوضيح شراكاتهم واللجوء إلى المختصين لمساعدتهم في ( تضييق فرص النزاع بين الورثة بعده ) ، ومن أشهر مايذكر في هذا المقام - والصور كثيرة - تقليل الأموال المشاعة في أملاك المورّث ، وهذا ظاهر في الصكوك العقارية ، فعزل الأنصبة وفرزها وإدراجها تحت شركة على شكل أسهم يملكها المورث ، كل ذلك يساعد في وضوح الأملاك وتجنيبها النزاع أو البخس ،  ناهيك عما تسببه في الضرر على شراكات لأشخاص لاعلاقة لهم في خلافات الورثة .
ومما يحسن ذكره في هذا المقال ، أن وزارة العدل تنبهت لمسائل كثيرة تتعلق بالتركات ، فأصدرت قبل شهر ( لائحة قسمة الأموال المشتركة ) ، والتركات هي من أكثر من يتواجد في الأموال المشتركة .
لذا فإن التركات المعطلة ( بالفتح والكسر ) تحتاج إلى تكامل في العمل ، بداية من تثقيف الناس بالطرق المثلى للتعامل مع أموالهم ، ومروراً بالتشريعات القضائية التي تلامس وقائع قضايا التركات ، وتدعيماً علمياً من المختصين والأكاديميين ، ولقد تفاءلت كثيراً بملتقى قريب تقيمه الجمعية العلمية القضائية السعودية بعنوان ( قسمة التركات ) والذي سيشارك فيه نخبة من القضاة والمحامين والأكاديميين ، وبرعاية رفيعة المستوى ، نسأل الله أن ينفع بجهود الجميع .