تتمايز الاستثمارات في خصائصها ، ويتنوع المستثمرون في اختياراتهم وقراراتهم، فمنهم من يتجه للاستثمار طويل الأجل مع قلة تقلباته ، وآخرون يحرصون على الاستثمار السريع والذي يزامنه - في الغالب - تذبذب حاد في حركة الأسواق .

ولقد كان المستثمر في منطقتنا –إلى وقت قريب – محدود الخيارات ، فمن يملك رأس مال متوسط إلى كبير يمكنه التحرك في السوق العقاري استثماراً أو مضاربة ، ومن كان محدود المال فالخيارات أمامه قليله ، قد تكون في شراء الأسهم أو في تجارات للتجزئة قد يمسها شكل من أشكال التستر ، إذ التفرغ متعذر لمن كان على رأس وظيفة في القطاع الحكومي أو الخاص .

جاءت فكرة الاستثمار العقاري العام جمعاً بين رغبات ، فالكثير من الناس يأمل في الاستفادة من نهضة العقار في بلده ، لكن يعترضه ضعف السيولة و صعوبة التنضيض ، وفي صناديق الريت تحقيق للمشاركة في القطاع العقاري ومرونة في البيع , وقد ظهرت هذه الصناديق في أمريكا وأوروبا من عشرات السنين ، ولا شك أنهم وصلوا إلى مرحلة متقدمة في التعامل معها بحكم الأسبقية ، ولست في صدد الحديث عن تقييم نتائجها إذ المختصون مالياً أولى بقراءة أرقامها وتوضيحها ، لكن سألمح لتنظيمها مع بعض النقاط الموضحة لفكرتها .

يحسن ابتداءاً معرفة المقصود بـهذه الصناديق من خلال تعريفها الوارد في ( التعليمات الخاصة بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة ) والتي صدرت في 23محرم لعام 1438هـ ثم عُدلت في 13 صفر 1440هـ ، ونص التعريف :

" صندوق استثمار عقاري مطروحة وحداته طرحاً عاماً ، وتُتداول وحداته في السوق الرئيسية ، ويتثمل هدفه الاستثماري الرئيس في الاستثمار في عقارات مطورة تطويراً إنشائياً ، قابلة لتحقيق دخل دوري وتأجيري ، وتوزّع نسبة محددة من صافي أرباح الصندوق نقداً على مالكي الوحدات في هذا الصندوق خلال فترة عمله، وذلك بشكل سنوي بحد أدنى ".

ظهرت هذه الصناديق في السوق السعودي عام 2016م ، وعند استعراض هذه التعليمات تجد أن الهيئة بذلت جهداً كبيراً في تنظيم الموضوع ، ومن المهم للمستشار والمحامي أن يقرأ هذه التعليمات بعد قراءته لـ لائحة صناديق الاستثمار العقاري ، الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية ، ومما يشار إليه أن هذه اللائحة وفكرة التنظيم للطرح العام ، هي بمثابة الإنقاذ عن فوضى المساهمات العقارية التي لم تقنن ، وبالتالي ظهرت إشكاليات في الكثير منها ، إما بضعف إدارة أو سوء نية أو طمع .

وسأذكر فيما يلي نقاطاً توضيحية مختصرة عن هذه الصناديق :

  1. يجب أن لا يقل  الحد الأدنى لإجمالي قيمة أصول الصندوق وقت التأسيس عن (500 مليون ريال سعودي ) وتكون القيمة الأسمية للوحدة ( 10 ريالات).
  2. لا يجوز أن تقل استثمارات الصندوق في العقارات المطورة إنشائياً القابلة لتحقيق دخل عن نسبة 75% من القيمة الإجمالية للصندوق .
  3. يجب على مدير الصندوق أن يوزّع على الملاك سنوياً ما لا يقل عن  90% من صافي أرباح الصندوق .
  4. يُسمح لمدير الصندوق أن يستثمر ما لا يزيد عن 25% من القيمة الإجمالية لأصول الصندوق في التطوير العقاري.
  5.  يُحظر على مدير الصندوق استثمار نسبة تزيد عن 25% من القيمة الإجمالية لأصول الصندوق في عقارات خارج المملكة .
  6. يجب أن تكون جميع العقارات مملوكة بصكوك سارية المفعول .وصدرت الموافقة على تخطيطها بناء على إفادة رسمية .
  7. عند تقديم طلب الطرح، يجب على مدير الصندوق تزويد الهيئة بمذكرة تفاهم بينه وبين شركة تتولى إدارة أملاك الصندوق .
  8. تبرز التعليمات الصادرة دور المقيمين العقاريين ، وهذا الأمر في غاية الحساسية ، فالمقيم العقاري الحاذق والمهني الصادق لا يمكن أن يقدم أرقاماً موهمة تساعد بعض الملاك في تضخيم قيمة الأصول قبل الطرح ، ويجب نشر تقاريرهم في الموقع الالكتروني للسوق أثناء فترة الطرح ، كما أن مدير الصندوق ملزم بتغيير المقيمين كل خمس سنوات .
  9. مما استجد في هذه التعديلات ، أنه يجب أن لا تتجاوز العوائد من أي مستأجر ما نسبته 25% من إجمالي عوائد الصندوق ، وهذا احتراز مهم في نظري ، فحين تتضخم نسبة هذا المستأجر ويواجه صعوبات أو يتعثر فالضرر سيكون مضاعفاً على ملاك الوحدات ، فالتعديل جاء لتنويع المخاطر .

وسأعود قريباً لطرح المزيد عن هذه الصناديق في مقالات لاحقة - بإذن الله –