تكلمت في سلسلة مقالات سابقة عن جريمة (غسل الأموال) ، وأكدتُ فيها على أهمية استمرار التوعية بخطرها؛ فهي جريمة تتجدد وتأتي في ألبسة مختلفة ، ولقد حثني على الكتابة مجدداً صدور قرار مجلس الوزراء رقم 42 وتاريخ 15-1-1440هـ ، بالموافقة على ( الأهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ) مع خطة عملية لتحقيق تلك الأهداف .

هذا الاهتمام والتطوير المستمر للتشريعات والإجراءات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال يعكس المتانة والإحكام في النظام السعودي -خصوصاً  المالي والأمني  منه- ، وربما خَفِيَ على البعض أن المملكة العربية السعودية خضعت لعلميات تقييم متبادل مع مجموعة ( الفاتف ) و (المينا فاتف) ، فتبوأت صدارة الدول العربية ، وزاحمت لتكون من بين المراكز العشر الأولى في مجموعة دول العشرين بتحقيقيها أعلى درجات الامتثال في تطبيق المعايير الدولية ، وهو مؤشر يدعو للاعتزاز ، ينعكس أثره الإيجابي على جاذبية الاقتصاد السعودي .

تأتي هذه الأهداف نتاج جهد مشرّف من : (فريق عمل التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال) و (فريق التقييم الوطني لمخاطر تمويل الإرهاب) ، اعتمد فيها الفريقان منهجية صندوق النقد الدولي التي تقوم على ثلاث مكونات:

1- التهديدات .

2- نقاط الضعف .

3- التبعات .   

ومن المهم الإشارة إلى أن الدول المتقدمة في مجال مكافحة غسل الأموال ، تلتزم بالمعايير الدولية، وتُعمل أعلى مستويات التعاون في هذا المجال  ، لكنها لا تبقى جامدة عندما تشرع في التطبيق، لهذا سنّت المملكة العربية السعودية إجراءات وتدابير خاصة ،أوصلتها إلى هذا المستوى الرفيع والمتقدم عالمياً ؛ إذ الدول تختلف بيئاتها وظروفها ،  وهذا ما يميّز الدولة التي تحرص على المواكبة والمواءمة .

لقد سبق الموافقة على هذه الأهداف صُدور نظام جديد لمكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية في عام 1439هـ ، الذي روعيت فيه متطلبات مجموعة العمل المالي ( الفاتف ) المحدثة ، وهذا يدعو المخاطبين بالنظام لمتابعة المستجدات ، فهذه الجريمة من طبيعتها التغيرّ والتنوع ، ولوحظ التحوط لطبيعتها عند صياغة هذه الأهداف المهمة ، والتي جاءت بعد عمل دؤوب من لجانٍ مختصة ، وفيما يلي نصها :

  • الأهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب  :
  1. تعزيز التعاون والتنسيق المحلي والدولي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
  2. تعزيز القدرة على كشف الجريمة والتحليل والتحقيق والمقاضاة والحجز التحفظي والمصادرة في قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
  3. ضمان وجود فهم وتقييم لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب لدى الجهات الخاضعة للإشراف .
  4. تعزيز برامج بناء القدرات والتدريب في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
  5. رفع مستوى الوعي حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
  6. التقليل من الاعتماد على النقد والحد من الحوالات المالية عبر الأنظمة المالية غير الرسمية .
  7. تعزيز معرفة المستفيد الحقيقي .
  8. تعزيز الأنظمة التقنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .

وأختم هذا المقال بتنبيه مهم ، أن لهذه الأهداف خطة عمل دقيقة ، تضمنت جملة من المهام ، كما نُص فيها على الجهات ذات العلاقة ، والمعنية بالمتابعة مع اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال، ولذا فإنه من المهم الاطلاع على كامل قرار مجلس الوزراء المشار إليه ؛ لإدراك جميع الأهداف والاستراتيجيات ؛ لتتكامل الجهود في تحقيقها.