بدأتُ هذه السلسلة بمبدأ (الاستقلالية)، ومن التوافق الحسن ما صرّح به سمو ولي العهد – سلمه الله- قبل أيام عن قرب صدور 4 أنظمة، هي في غاية الأهمية: ( نظام الأحوال الشخصية- نظام المعاملات المدنية-نظام الإثبات-النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية)، هذه الأنظمة تُعتبر نقلة مهمة وعلامة فارقة في خارطة العدالة، و قد أوردتُ في مقالي السابق أهمية تكامل جميع الجهات المعنية بتحقيق العدالة؛ بتأسيس قاعدة للحوكمة تحقق الأهداف المشتركة ، وتتكامل من خلالها الجهود والإجراءات.

إن تطبيق الحوكمة لا يمكن له النهوض دون إبراز للشفافية، وإبرازها ليس شعاراً يُقال دون استناد على نصوص يُمكن من خلالها قياس للتطبيق واختبار للأداء، ويمكن أن نستعرض بعض المقترحات التي تعزز من تطبيق الشفافية العدلية ، بالنقاط الآتية: 
1- تيسير الإجراءات ووضوحها للمتعاملين مع جميع  الجهات التي أشرتُ إليها في المقال السابق (جهات الضبط- النيابة- القضاء)، من أول خطوة يخطوها المستفيد حتى تكتمل المعاملة، و التثبت من مناسبة المدد لتنوّع والمعاملات وخصائصها.
2- الدقة في إدخال البيانات بما يتناسب مع احتياجات جميع الجهات التي تمرّ من خلالها المعاملة، بواسطة قالب مرن، وهذا يختصر الكثير من الوقت ويحقق العدالة للجميع.

3- تحديث التشريعات وفق احتياجات السوق ومستجدات العمل، وتحقيق التشاركية بأخذ آراء الخبراء والممارسين؛ لتجويد المنتج وملاءمته للتطبيق.
4- رسم منهجية إعلامية توافقية لجميع هذه الجهات؛ للوصول إلى وضوح في الرؤية، وانسجام في الأهداف أمام الإعلام.

5- نشر الأحكام والمبادئ بأسلوب مُيسّر و واضح يُمكّن غير المختصين الإفادة منها.
6- قياس رضا المتعاملين، وهذا محفّز لمقدّم الخدمة في أن يتنبّه لضرورة تطبيق الإجراء النظامي، وفي مدته الطبيعية.7- وضوح مؤشرات قياس الأداء، والتي يُفترض أن تفحص جميع العاملين –دون استثناء-، ووضوحها يحقق العدالة والإعذار، فالعدالة: في أن وضوحها وإبرازها يُمكّن الجميع من معرفتها ومناقشة دقتها و واقعيتها ، يعقب ذلك ظهور أثرها على المكافآت والترقيات والمحفّزات ، والإعذار: في عدم مفاجأة الخاضع للفحص، و إمهاله قبل البدء بتطبيقها .
8- تمكين المستفيدين من الاطلاع على جميع المستندات الخاصة بهم، و إبلاغهم بجميع الإجراءات والضمانات التي كفلها النظام لهم.
ختاماً : فالشفافية عينٌ تُبصرُ مواطن الفساد، وشمسٌ تطلع على ساحة العابثين، ومسطرة تنتظم بها الحقوق .